مهن وحرف
 
حياكة البشوت

حياكة البشوت

یستخدم الحایك في عمله جھازا معقدا ودقیقا یطلق علیه (العدة) وھو مكون من عدد كبیر من القطع والأجزاء لكل منھا اسم معین ودور خاص في صناعة البشت ویصنع الاجزاء الرئیسیة من العدة النجار بینما یقوم الحایك بنفسه بتجھیز القطع الصغیرة والأدوات الخاصة بالحیاكة. ومن الأجزاء الرئیسیة في عدة الحایك النول والدفاف والبزار والنیرة والمزراق والمشباح والمداوس.
فكان الحایك كان یشتري الغزل (خیوط الصوف) من النساء اللاتي كن یعرضن ما لدیھن من أنواعه المختلفة في (سكة الصوف) التي كانت تعج بالبائعات الجالسات على جانبي الطریق وأمام كل منھن بضاعتھا التي تغزلھا وتلفھا على شكل كرات صغیرة أو لفات یطلق علیھا (وشایع) ومفردھا (وشیعة).

فكانت قیمة الوشیعة الواحدة كانت تتراوح ما بین 12 آنه إلى روبیة واحدة وتزن حوالي رطلین ویقوم المشتري بتقدیر وزنھا وجودتھا بیدیه مشیرا إلى أن كان یتم استیراد الغزل عالي الجودة من مناطق معینة في إیران.

وأن كمیات الصوف والغزل المعروضة للبیع كانت تزداد في فترة الربیع حیث یجلب البدو إلى الكویت كمیات كبیرة من الصوف معبأة في (شلفان) أي أكیاس كبیرة تنقلھا الجمال إلى ساحة الصفاة فتشتري جزءا منھا النساء اللاتي یقمن بغزلھا وعرضھا للبیع بینما یتم تصدیر معظمھا إلى الھند وإیران عبر السفن الشراعیة.

وهناك اختلاف بين انواع خیوط الصوف التي تستخدم للحیاكة فمنھا الربیع والوسط والسمیك ولكل منھا استعماله الخاص إذ كانت ھناك انواع مختلفة من البشوت التي یقوم الحاكة بصنعھا ومنھا الصیفي والربیعي والشتوي.

فعمل الحایك یبدأ بتجھیز الخیوط التي یشتریھا على شكل ربطات تسمى (وشایع) حیث یقوم بفكھا ودولبتھا أي لفھا على جھاز خشبي صغیر یسمى الدولاب مرتبط بآلة أخرى تدعى الفریطة لنقل الخیط من الوشیعة إلى البكرة أو القلم كما تدعى أیضا.

أما الخطوة التالیة ھي تسدیة الخیوط أي مدھا طولیا وإدخالھا في الأماكن المخصصة لھا من العدة ولكل نوع من البشوت عدد معین من الخیوط حسب عرض القطعة ویصل عدد خیوط السدي (الخیوط الممدودة طولیا) الى 640 خیطا.

وإن الحایك یقوم قبل إدخال الخیوط بالعدة بعمل (المریس) وھو التمر الممروس بالماء لیطلي بھ الخیوط حتي تتصلب وتسھل حیاكتھا بعد أن تجف مبینا أن الحایك یبدأ عمله الیومي مستخدما یدیه ورجلیھ لتشغیل العدة وھو واقف في حفرة یصل عمقھا الى حوالي 70 أو 80 سنتیمترا ساندا ظھره على جدارھا ویقوم بصبغ البشت باللون المطلوب باستخدام مواد معینة یشتریھا من العطارین.

وأن بعض الحاكة كانوا یعملون لحسابھم الخاص من خلال تركیب جھاز عدة أو أكثر في ساحة المنزل (الحوش) أو الدیوانیة لیحیكوا البشوت علیھا كما أن ھناك أرباب عمل یطلق على الواحد منھم (معزب) وھو الذي یقوم بتشغیل العمال في أماكن خاصة تسمى (الباركة) عادة ما تكون في أحد الأحواش الملحقة في بیوتھم

فالباركة وتحتوي على عدد كبیر من العدد التي قد یصل عددھا إلى 20 یعمل علیھا عدد مماثل من الحیاك الذین یتقاضون أجرة معینة مقابل كل بشت یحیكونه وأن أجرة العامل كانت تحسب على كل قطعة بشت یقوم بحیاكتھا روبیة واحدة مثلا أو بالمناصفة ویطلق علیھ (نصاف) إذ كان یتقاضى أجره بعد خصم قیمة المواد الداخلة في الانتاج.

وهناك عددا كبیرا من الشباب في منطقة الشرق كانوا یعملون بالحیاكة وخاصة في الأحیاء الممتدة من جنوب دروازة العبدالرزاق مرورا بحي الصوابر وصولا إلى مقبرة النصارى حیث كان یطلق على تلك المناطق (فریج الحیاك). وأن الكثیر من العمال قدموا من الإحساء والبحرین للعمل في ھذه الحرفة وسكنوا (الباركة) ویكون مأكلھم على حساب المعزب الذي یتفق معھم على مناصفة الربح لكل بشت یحیكونه وكان المعزب یقوم في كثیر من الأحیان (بركس) العمال أي اقراضھم مبالغ من المال تخصم من أجرتھم لاحقا.

فمھنة الحیاكة كانت تزدھر صیفا إذ أن الرطوبة والأمطار كانت تعرقل العمل وتؤدي إلى لزوجة الخیوط وصعوبة حیاكتھا خاصة وأنھا مطلیة (بالمریس) لذا كانت تتوقف أعمال الحیاكة في معظم فصل الشتاء ویتوجه بعض الحیاك الى أعمال أخرى.

وفي ما یتعلق بمدة حیاكة البشت فإنھا تختلف بحسب الجودة ف"حیاكة (المزویة) الذي كان یشتریه البحارة وسكان البادیة لحمایتھم من البرد تستغرق یوما واحدا فقط وذلك لعدم جودة قماشھا أما البشوت ذات الجودة العالیة فقد تستغرق حیاكتھا ثلاثة أیام أو أكثر".

ومن أنواع البشوت (المقوصر) ویحاك للشباب ما بین 14 و 16 عاما ویبلغ طوله حوالي تسعة اذرع كما ان ھناك نوعا اصغر حجما ویسمى (المصدر) وھو للصبي البالغ من العمر حوالي 12 عاما ویبلغ طوله سبعة اذرع.

وأن ھناك عباءات سوداء تصنع من الصوف للنساء إذ كن في الماضي یرتدین عباءات الصوف طوال الوقت قبل أن تدخل العباءات ذات القماش الخفیف إلى السوق أواخر الأربعینیات.

وعن كیفیة بیع البشوت فالحایك أو المعزب یأخذ قطعة البشت التي تمت حیاكتھا لبیعھا في السوق إما مباشرة لخیاطي البشوت أو عن طریق الدلالین المتخصصین الذین یحرجون (یشرفون على مزادھا) في سوق السلاح الذي كانت تباع فیه البشوت محلیة الصنع.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


أن البشوت المستوردة ذات الجودة العالیة كانت تباع في سوق البشوت الذي بناه المرحوم الشیخ فھد السالم الصباح في أواخر ثلاثینیات القرن الماضي بینما استمر بیع البشوت المحلیة في سوق السلاح.
أما في الفترة ما قبل ثلاثینیات القرن الماضي كانت البشوت تباع في (سوق البدر) الذي كان یطلق علیه أیضا سوق البشوت والزل.